في 24 يناير، وبعد شهر من ظهور فيروس كورونا في الصين، وقبل أن ينتقل إلى العالم، أعلنت فرنسا عن تسجيل أول إصابة على أراضيها بالفيروس المستجد، إلا أن إيف كوهين، رئيس الإنعاش في أحد مستشفيات باريس، صرح بأن أول مصاب بالفيروس ظهر في 27 ديسمبر. حيث خضع حوالى 24 مريضًا لفحوصات الإنفلونزا العادية، لكن لاحقًا تبين أن أحد هؤلاء كان مصابًا بفيروس كورونا المستجد. الرجل نقل العدوى لاحقًا إلى طفليه، لكن زوجته لم تصب. ولم يسافر إلى أي مكان خارج البلاد أو داخلها، ولم يخالط أي أشخاص سافروا سابقًا. وشدد كوهين على أن معرفة المريض صفر قد تساعد في حل الكثير من الألغاز التي تحيط بتفشى الفيروس في البلاد.
يعمل العلماء على مدار الساعة حول العالم لفك لغز الجائحة، بعض الناس يصاب بالفيروس ولا تظهر عليه أي أعراض سوى بعض أعراض نزلة برد خفيفة، وآخرون لا تظهر عليهم أي أعراض إطلاقًا بينما الآلاف يصابون بالمرض القاتل ويموتون، والبعض يستجيب للعلاج التقليدى، وكما هو معروف أن كبار السن المصابين بأمراض مزمنة أكثر عرضة، لكن الحقيقة أنهم ليسوا كلهم معرضين، ولماذا الأمريكان من أصل إفريقى وآسيوى نسبتهم في الإصابة القاتلة أكثر من البيض في الولايات المتحدة، أسئلة لها إجابات لم تكتشف بعد. بدراسة جينات الفيروس التي تتحور كثيرًا في مسيرتها مما جعلها صعبة المراس والعلاج، وإن جينات من أصيبوا من البشر بسارس OV- 2 يساعد قليلا في فهم الظاهرة.
أمامنا احتمالان طبقًا للتجارب المكثفة التي أجرتها المعامل في أيسلندا، أولها التاريخ الجينى لمسيرة الفيروس نفسه، بعض منه ضعيف والآخر مميت، وكذلك التركيبة الجينية المتفردة لكل إنسان على حدة، وكأنها تلتقط الفيروس بسهولة أثناء مروره ليدخل على جسمك الضعيف والأخرى تلك التي لا يقربها الفيروس بسبب جيناتها القوية بمعنى الجهاز المناعى القوى، الصلابة، الإرادة، التغذية السليمة، الهواء النقى، والقدرة على التأقلم مع البيئة المحيطة وبالطبع ممارسة الرياضة ولو في أبسط صورها (المشى).
في 2017 درس الباحثون جينات الناس الأكثر إصابة بالحصبة والجدرى وأمراض أخرى تنقل عن طريق الفيروس، ووجد أن التركيبة الجينية للبشر العرضة أكثر للإصابة بالفيروسات عامة تجعلهم أكثر إصابة بكوفيد 19 الذي يخترق الخلايا الأساسية ويكمن أو يظهر في الإنسان بدءًا من حلقه إلى رئتيه.
خلص العلماء بعد تجاربهم على سارس إلى أنهم لا يستطيعون فهم استجابات جسم الإنسان المختلفة وأن الأمر نفسه ينطبق على كوفيد. وفى مصر هنا نسبة الوفيات في المليون أقل بكثير من معدلها في أوروبا وأمريكا ونسبة التعافى بالنسبة لعدد المصابين ممتازة مما يدل على أن المصريين المصابين لديهم استعداد للشفاء وأن الحالات التي توفاها الله كانت غير قادرة على مقاومة الفيروس على الرغم من كل المجهود المبذول ومن كل العلاجات.
هنا تحاول شركات الأدوية العملاقة أن تخترع تركيبة علاجية (دوائية) ومصلا (للوقاية)، بناءً على فحص أكبر مجموعة من المصابين والمتعافين والمتوفين، كذلك فإن تجربة العلاج ببلازما المتعافين بما تحمله من أجسام مضادة، وبالطبع تركيبة جينية مختلفة، تساهم في التعافى، وكذلك فإن تجربة الإمارات باستخدام الخلايا الجذعية الخاصة كعامل قوى يساعد الرئتين على الشفاء بجانب الأدوية والعلاجات الأخرى، هناك يجعلون المرضى يستنشقون تلك الخلايا الجذعية التي تنعش الرئة لأنها- بالفعل- خلايا جديدة تطرد القديمة وتقاوم المرض بمساعدة كل الإجراءات، وتعتبر تلك تجربة رائدة لأن مجال العلاج بالخلايا الجذعية لمساعدة مرضى السكر والقلب أثبت فاعليته بشكل كبير.
د.خليل فاضل في صحيفة المصري اليوم الجمعة 15 مايو 2020