الزواج شراكة غالبًا ما تكون متجذرةً في مشاعر الحب ووجوب الالتزام، وهو علاقة مُركبّة ستواجه تحديات عميقة، قد تؤدي إلى المشهد النفسي المُعقَّد للطلاق، إذا انهار التواصل وفقد التناغم، تتآكل العلاقة بين الزوجين كما تأكل الدودة أوراق القطن؛ فالتواصل الفعال شريان الحياة للزواج الصحي، إذا علاه الصدأ اتسعت الفجوة بين الشريكين، فالاحتياجات غير المعلنة والصراعات التي لم تحل تصبح أرضا خصبة للنقمة والهجر والسخط.
من ناحيةٍ أخرى.. إذا انخفضت درجة الثقة تحطمت الأسس التي قد تكون هشة، بُنِيَ عليها الزواج لتسقط النواة التي كانت تسند الزير، مما يخلق بيئةً تهدِّد الزواج في لُبِّه وجوهره، سواء كان ذلك من علاقات خارج إطار الزواج، أو من ارتباط وثيق بأشخاص معينين أو وهميين على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يتسبب في جروح عميقة، قد تترك نُدبًا لا تُمحى، وتلحق بالقماشة النفسية الزوجية إصابة بليغة، وقد تتطور الأمور مما يجعل استعادة الثقة بين الطرفين تحديًا هائلًا،
بعدئذٍ تأتي التوقعات غير الواقعية، سواء كانت شخصية أو مجتمعية؛ فاذا كان أحد الطرفين يحلم بالعيش في “كومباوند” والآخر لا يتمكن من ذلك، أو أن تتوقع الزوجة هديةً ما، إما خاتم سولتير أو قلادة من الفضة، وإذا لم يحدث هذا لسببٍ أو آخر، أو أن الزوج يتلقى وردةً حمراء من زميلته في الشغل، بينما لا تتذكر امرأته عيد ميلاده؛ فإن هذا الفشل في التوقعات يؤدي الى الإحباط والشعور والحسرة وخيبة الأمل، مما يخلق بيئةً مواتية للإجهاد الزوجي وعدم القدرة على مواكبة الحياة اليومية.
ثم يأتي عامل “الأنا” فأحد الشريكين قد تكون الأنا لديه متضخمة أو متورمة، أو أنها بدافع الطموح قد ارتفعت وحلّقت في الأعالي، ومن ثم فإن الطرف الآخر يثري ذاته ويقويها، لتبدأ المعارك بين الطرفين؛ فبقد أصبح لدينا ندِّين لا زوجان يكمِّل بعضهما البعض، أي صارت لدينا منافسة محمومة، على أمورٍ تتعلق بتحقيق الذات، وقد تتفرع إلى الإنفاق غير المسؤول، وتشحن الزواج بالقلق والتوتر، كما أن انحسار الحميمية وازدياد مساحة الجفاء بين الزوجينـ لفظيًا وجسديًا وجنسيًاـ بدءً من ربتة على الظهر إلى قبلة على الخدّ إلى حضن عميق، إلى علاقة ليست ميكانيكية لممارسة الحب، لأن هذا هو العمود الفقري للزواج الصحي والصحيح، ومع ذلك فإن وهن كل هذا يؤدي الى تقلص أساسيات الزواج، لأن الاحتياجات النفسية والبيولوجية المُجهضة، تترك انحرافًا تدريجيًا عن الطبيعي، مما يخلق هوةً يسقط فيه الزواج.
كما أن عدم التكافؤ الفكري والاجتماعي أو المادّي، مثل أن تكون المرأة من أسرة ثرية لكن تعليمها محدود، وقد يكون الرجل أقل اجتماعيًا، لكنه تفوق وتألّق بفعل اجتهاده، مما يخلق منافسةً غريبة تأتي من أن كل طرف يستقوي بما لديه، بدلًا من أن يتحدا ويكملا بعضهما البعض، لأن جوهر المسألة هنا هو الاحترام المتبادل اللازم لاستمرار الزواج.
أما عن الحما والحماة، وأزواج الأخوات والإخوان، أي الأصهار ذوي الديناميكيات الصعبة، لاختلاف الطموحات ومراكز القوى؛ فالقماشة التي يأتي منها كل فرد مختلفة تمامًا، خاصةً اذا كانت وهي العادة في كثيرٍ من البيوت أن تعيش الزوجة في شقة مع زوجها في بيت العائلة، وفي أغلب الأحيان تتدخل الحماة في أمور لا يجب أن تتدخل فيها كتربية الأولاد أو الإنفاق أو أن تتوقع من الزوجة ما لا طاقة لها به وهنا تأتي بعض الصدمات، نتيجة “كيد النسا” مما يلقي بظلال قاتمة، ليصبح الزوج بين فكيّ رحى، لا يستطيع أن يكون ناقدًا لأمه، أو أن يكون ضد زوجته، مما يجعله سلبيًا، وهذا موقف صعب قد يوصف من قِبَل الزوجة بأنه غير رجولي.
مع مرور الزمن يتغير الزوج والزوجة، في الشخصية وفي الفكر وفي الاحتياجات، وهكذا الأولاد، ولكن تحدث هنا بعض السقطات؛ فبعض الأطراف يتجاهل الطرف الآخر، ويتجاهل تطوره، ويتغافل عن أنه غير ذلك الذي التقاه أيام الخطوبة، أو في أول الزواج؛ فمع تطور الشخصية وتقدم السن، تتطور الاحتياجات وتختلف الأدوار، ويؤدي عدم التكيف مع تلك الهُوَيّات المتغيرة إلى أزمةٍ، تخلق ضغطًا نفسيًا يتوقع فيه أحد الشريكين دعمً، مما يدُّق مسمارًا في حائط الخلافات المائل.
ويقول تشرشل: “إن أعظم إنجازاتي كان أن أُقنع زوجتي بالزواج مني”.