“الانكسار للأسوأ Breaking Bad ” مسلسل تلفزيوني نال استحسان النقاد يسرد قصة “والتر” مدرس الكيمياء، الذي ينتهج مسارًا أخلاقيًا معتدلًا، ثم يتحول إلى مُصَنِّع وتاجر مخدرات لا يرحم، بعد تشخيصه بسرطان الرئة، وأمام احتمال ترك عائلته معدمة، يتعاون مع الطالب السابق “جيسي” لإنتاج وبيع مُخَدِّر “الميثامفيتامين” عالي الجودة، وعندما ينحدر “والت” بشكل أعمق إلى عالم الجريمة المتوحش، يتطور هدفه الأولي المتمَثِّل في إعالة عائلته، إلى السعي الدؤوب وراء السلطة والسيطرة والمال.
يصوِّر المسلسل ببراعة الانحلال الأخلاقي، وعواقب الطموح اللا محسوب، والطبيعة المُعقَّدة للفشل البشري، مما يؤدي إلى عواقب مأساوية لجميع المتورطين.
في الانكسار للأسوأ، يُعَدّ الفشل البشري موضوعًا رئيسيًا مُتجسدًا في عورات الشخصيات المُتورطة، وقراراتها السيئة وعواقب أفعالها
إنها غطرسة البطل وغروره أهم ما تسبب سقوطه، على الرغم من أنه بدأ في البداية في صنع “الميثامفيتامين” لتأمين حياته، إلا أن عنجهيته جعلته أكثر هوسًا بالسلطة واعتراف المجرمين شركائه به، مما حدا به إلى ارتكاب أفعالٍ إجرامية ثمّ سقوطه، كان محكومًا عليه بالفشل، لأنه لم يستعد ولم يخطط لأعماله بشكل كافٍ، ورفض الإنصات إلى نصائح الآخرين مرارًا وتكرارًا، وفشل في امتلاك رؤية مستقبلية عملية وتفعيل مخاطرها وأدواتها، نعم.. لقد كانت لديه رؤية واختار ألا يهتم أبدًا بـ «كيف» ستتحقق هذه الرؤية؟ لأنه يعرف «السبب»؛ وكان لابدّ من «كيف» مع الرؤية ودوافعها لكي تتحقق بسلاسة على أرض الواقع لكن لم يحدث هذا.
إن صموئيل Chambers يطرح تناقضًا غايةً في التعقيد، لأن الموهبة التعليمية الحقيقية في “Breaking Bad’، هي أن البطل “والتر” كان الشخص الذي بإمكانه إلهام وتوجيه تلميذه الشاب “بينكمان” للنجاح في الحياة، لكنه كان شديد الاضطراب نفسيًا وإنسانيًا.
تشير ميكانزمات الفشل إلى العمليات والأسباب الكامنة، سواء كانت شيئًا أو نظامًا أو مسعى شخصيًا في الحياة الواقعية والمجازية، حيث يطوّرها الناس والأنظمة لتجنب السقوط أو التعامل معه.
من آليات الفشل المشتركة التحميل الزائد، بمعنى أن الإنسان يتحمَّل أعباءً لا طاقة له ولمن معه بها، مما يؤدي إلى الانهيار؛ فالعمل بما الذي يتجاوز طاقته يؤدي إلى الإنهاك التام، والتعب البدني؛ فبعد الإجهاد المتكرر، ينهار الشخص عقليًا ونفسيًا من عبء التحديات المزمنة.
التصميم السيئ أو التخطيط.. لأن الاستراتيجيات والأنظمة المعيبة تفشل بسبب عدم كفاية البصيرة، وبالمثل، يمكن أن تفشل الأهداف الشخصية إذا لم يتم التخطيط لها بشكل صحيح، وكذلك الصدمات الخارجية التي تعطل الأداء الطبيعي، مثل أزمة مالية مفاجئة أو انهيار مرضي غير متوقع.
أما عن الحيل الدفاعية النفسية في مواجهة الفشل؛ فهي التكيف والمرونة؛ فكما تلك المواد المصمَّمة المرنة اللّدُنة المِطواعة غير القابلة للكسر، عندئذٍ يمكن للناس تطوير مرونتهم الشخصية، من خلال التعلم من الإخفاقات والتكيف معها وتحويلها إلى نجاحات، على سبيل المثال، قد يستخدم الشخص خسارة وظيفته، كخبرة لمتابعة مسار وظيفي أفضل، كذلك فإن في التنويع تبنّي استراتيجيات مُحدّدة كالاستثمار في مشاريع مختلفة، أي لا تضع البيض كله في سلّةٍ واحدة، هنا لا بدّ من امتلاك مهارات متعددة أو أنظمة داعمة للاعتماد عليها، مع الفحوصات المنتظمة وإجراءات الرعاية الذاتية والصيانة لمنع الإرهاق أو الفشل وإنشاء حوكمة احتياطية وشبكات أمان، من الناحية الشخصية، قد يعني هذا وجود خطة بديلة ومدخرات مغلقة لاستخدامات الطوارئ فقط. عندما تنمو الشجرة تكون لها جذورًا أعمق تحمل الرياح القوية، وغالبًا ما يزداد الناس قوة من خلال التحديات، كلما كانت الجذور أعمق، كلما زادت قدرتها على التغلب على العواصف.
Leave a Reply