كتب د.خليل فاضل في صحيفة المصري اليوم بتاريخ 6 مارس 2020
إذا طلبت منها طبقًا شهيًا تحبه جدًا، من زوجتك التى ملّت المطبخ، قد تردّ عليك امرأتك (هو انت دايمًا كده.. عقلك فى بطنك؟) ربما هى فى مزاج سيئ، وربما تعنى أنك تهتم بالتهام ما لذّ وطاب دون مراعاة مشاعرها. المهم هذا ليس بيت القصيد، هل تتذكر عندما كنت مراهقًا ورأيت من أحببتها واكتشفت تلك الفراشات التى ترقص فى بطنك حبًا وغرامًا؟ هناك من يقول إن بطنك هو بمثابة (مخ تانى)، ولا ننسى (المعدة بيت الداء)، وأن هناك ما يسمى أعصاب الجهاز الهضمى.
إنها طبقات تحوى حوالى 100 مليون خلية عصبية، تبطن الجهاز الهضمى، من المرىء حتى المستقيم، بخلاف مخك الكبير الحجم، داخل جمجمتك المحصنة، فإن أعصاب الجهاز الهضمى عملها الأساسى هو التحكم فى الهضم، من أول لقمة، إلى إفراز الإنزيمات التى تعمل على هضم ما تأكله، وتنسيق التغذية الدموية التى تساعد عمليات الامتصاص والتخلص من الفضلات.
مرضى (القولون العصبى) يعانون من الإمساك والإسهال والانتفاخ، بالألم، والإحساس بعدم الراحة فى المعدة، ويلفون على دكاترة الجهاز الهضمى، الذين يؤكدون لهم أن المشكلة (عصبية)، وأن خلف تلك الأعراض اكتئابًا وتوترًا وقلقًا.
نظرية الأعضاء الضعيفة لألكساندر تؤكد أن لكل منا عضوا ضعيفا مثل الصدر (الربو) أو الحساسية كما فى الجلد، أو الصداع فى رأسك، أو ألم أسفل الظهر، أو المثانة العصبية إلى آخر القائمة.
إن عدد الناس المصابين بالقولون العصبى كبير جدًا ويدخلون فى دوامة المسكنات والمطمئنات ثم منظار على المعدة، ثم منظار على القولون وهكذا، المشكلة ليست فى الجهاز الهضمى نفسه، ولكن فى أعصابه التى تتوتر وتتأثر سلبًا وإيجابًا بانفعالاتك، بحالتك النفسية، بالفرحة وبالبهجة، وبالحزن والأسى.
العلاج يجب أن يكون بتنظيم الأكل، نوعيته، مواعيده، وتجنب الوجبات السريعة، وعدم الإكثار من التدخين ومن شرب القهوة والشاى، كما يصرف بعض أطباء الباطنة لمرضاهم المطمئنات والمهدئات، ولكن الأساس فى كل ذلك يكمن فى راحة البال ومحاولة الاسترخاء والحوار مع نفسك، وأن تغير من نمط حياتك قدر الإمكان، كما أن هناك طرقا أخرى قد تساعدك يقوم بها الإخصائيون النفسيون مثل العلاج المعرفى السلوكى لتغيير مفاهيمك وسلوكياتك فى الحياة حتى لا تنعكس على بطنك.
إن المخ (اللى فوق) يحاور المخ (اللى تحت) الذى هو جهازك الهضمى، وبطنك يحاور عقلك حوارًا مستمرًا لا يهدأ. ودكاترة الجهاز الهضمى ما هم إلاّ مرشدون يبحثون عن حلول لتهدئة المخ الثانى، ولتنظيم عمل الجهاز الهضمى الحساس والمزعج والمُعقد.
إن المهدئات ومضادات الاكتئاب تعمل جزئيًا، أى لا بد من اتباع نظام غذائى وحياتى خال من التوابل الحارة، ومن الإفراط، ومن إرهاق الجهاز الهضمى بالأدوية و(الرمرمة) وبالجهل بطبيعة العلاقة بين دماغك وبطنك، فلتحسن التواصل والعلاقة بين الاثنين بما ذكرناه سابقًا.
إذا حدث وتلقيت نبأً سيئًا، أو خسرت مالاً، أو فقدت عزيزًا، فإن الضغط النفسى يسبب موجة من التشنجات تبدأ من المرىء وتمر بالمعدة ثم القولون والأمعاء.
على سبيل المثال فإن بعض الفتيات (يتقيأن) تعبيرًا عن الرفض، رفض عريس، رفض معاملة فى البيت، كما لو أنهن يلفظن (رمزيًا) ما يدور حولهن.
حاول ألا تأكل بسرعة وألا تبلع بسرعة، تأنَّ.. لأن الضغط النفسى يؤثر على بطنك، وبالتالى قد يرفع نسبة الكوليسترول فى الدم بشكل غير مباشر، مما يؤثر على الأوعية الدموية، خاصة فى القلب، لذا يجب أن تتجنب الإجهاد النفسى قدر الإمكان، وأن تترك لنفسك استراحات خلال اليوم، وأن تتمشى، وأن تراعى جهازك الهضمى ودماغك وجسمك.
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1477862