زبيدة.. تعُثر الحمل والإنجاب

زبيدة.. تعُثر الحمل والإنجاب

دندن الأب القروي الأمازيغي بأنامله الخشنة، على أوتار العود: “هلالا. جعجع يا زبيدة، بين الجبال جبلين وبين البحور بحرين”.

رزق الأبوان في تلك القرية البعيدة ببنتٍ كالقمر، تشبه إلى حدٍ كبير ممثلة الزمن الجميل “زبيدة ثروت”، وتيُمنًا بها سماها أبوها زبيدة “بالطبع هذا اسم وهمي”، ولأنها كانت تشبه عمتها ولا تشبه أمها في أي شيء؛ أكلت الغيرة أمها لأنها كانت تريد صبيًا تستقوي به على عائلة زوجها.

كانت زبيدة هادئة ولما تعلًّمَت الكلام قارعت أمها الحُجّة بالحُجّة، انزعجت الأم من لباقتها وجمالها وسطوعها، وتفضيل الأب لها عليها، وبدأت الغيرة تشتد بين الأم وزبيدة، واتبعت معها أسلوب التربية الصعبة، وقسَت عليها وناصبتها العداء، لكن البنت لم تُعِر تلك الأشياء اهتمامًا، مُكتفيةً بحضن أبيها، وبعد تسعة أشهر من ولادة زبيدة، حملت الأم وولدت ثلاث صبيان، كلهم يحملون صفاتها وينتمون في الطباع إلى عائلتها المتشدّدة، ناصبوا زبيدة وأبيهم العداء؛ فأصبحت الأسرة مضطربةً ومنقسمةً إلى معسكرين.

كبرت زبيدة وتزوجت، ولاحقتها مشاكل أمها حتى في الزفاف، زوجها كان شابًا ذا مكانة ومنصب في القرية؛ فحسدتها عليه أمها، وبعد زواجها لم تتمكن إطلاقا لا من الحمل ولا من الإنجاب لكنها بمساعدة الأطباء حملت، لكن الحمل لم يثبُت، وبدا الغضب والغِلّ ينصبّان من فمها عبر مكالماتٍ لأمّها، تتلوها نوبات بكاء وحزن مرير وعقدة عصية على الحلّ؛ فهي الأنثى الوحيدة بين الصبيان الذين استقووا عليها.

قررت زبيدة أن تواجه الأم التي لم تكف عن إغضابها وتعكير دمها، وأصبحت الأم كالدُبّة التي قتلت صاحبها، كان غضب زبيدة من الأم ممزوجًا بالأسى، قالت لها: “لم تحترمِني قطّ، والمفروض أنكِ صدري الحنون وحضني الدافئ؟

لم يمهل القدر زبيدة من ضغوطاته؛ فكانت حماتها مسيطرة أيضًا سيطرة شديدة.. تُسَيِّر الأمور في تلك العائلة، وكانت أيضًا تحمل غيرةً غير طبيعية من زبيدة، وأصبح هناك مثلثًا للرعب يجمع أمها وحماتها وخوفها من ألا تحمل؛ فيشمت فيها الآخرون، ولكن أطباء التوليد والنساء أجمعوا على أن المشكلة لها علاقه بالإجهاد العصبي والنفسي والجسدي، الذي تعاني منه زبيدة؛ فبطانة الرحم لا تستقبل البويضات بشكلٍ طبيعي، وان استقبلتها لا تُبقيها، وبالتالي فإن الجنين لا يتكوَّن وإن تَكوَّن يُلفَظ؛ فالإجهاد المزمن والتاريخ الاجتماعي والنفسي، يسبب أضرارًا جسيمة تعوق الحمل الناجح؛ لأنstress hormones يؤثر على إفراز البويضات، وعلى الأنسجة الخاصة بالتكاثر.

إن توقعات الجميع تضع ضغطًا زائدًا على المرأة، لكي تنجب في وقتٍ ربما هي ليست على استعداد للإنجاب فيه.

من المهم عمل تمرينات رياضية، والالتزام بنظام غذائي جيد، لأن الـ diet، يقلل من فرص الحمل وإن إدمان الكافيين والتدخين يزيدان التوتر والعصبية والإنهاك، ويقلِّلان فرص الحمل. وإن العلاقة الجنسية بين الزوجين لا بد أن تكون حميمية، لا مجرد أداء واجب  من أجل الحمل، وعلى الزوجين ألّا يستعجلان الحمل، فذلك يؤدي إلى نتائج ضعيفة، فاللهاث وراء الإنجاب قد يؤدي إلى العكس، كما أن كثرة الضغوط والخلافات، وقضية تعثر الإنجاب نفسها، تحدث في نساء عرضةً لذلك، أو أن رغبتهن الجنسية تكون ضعيفةLibido ، وإذا كانت المرأة تعمل وحياتها مشغولة جدًا؛ فعليها أن تكيّف حياتها بما يريحها، من أجل مشروع انجاب طفل، واستلهامًا لكتاب “الحب والطب ومعجزات الشفاء”؛ فإن الحالة النفسية تغير من حالة الجسم، مرورًا بالأعصاب وجهاز المناعة والغدد؛ فتُرسل استقرارًا للعقل وطمأنينة إلى الجسم، إن معجزات الشفاء والإنجاب لا تأتي من ذهنية بليدة وروح غير مستقرة، وإنما تأتي بالتفاؤل والأمل.