الخميس 28-12-2006
الحكومة المصرية مصابة بحالة «عصاب وسواسي»
قراءة نفسية لبيان الحكومة وتصريحاتها الأخيرة: تحاول إظهار الحياة بلون «بمبي»
د. خليل فاضل ـ المصري اليوم
سأحرص علي أن تكون مصادري حكومية، أو قومية، علي سبيل المثال- ما جاءت به مانشيتات الأهرام- ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٦ في صدر الصفحة الأولي «مؤشرات إيجابية للاقتصاد المصري ترصدها المؤسسات الدولية- في اجتماع وزاري برئاسة أحمد نظيف: احتياطي مصر من النقد الأجنبي يغطي ٧،٦ مرة الديون قصيرة الأجل- وضع الاقتراض الداخلي مُطمئن وحصيلة النقد الأجنبي من الصادرات في تزايد داخل نفس العدد في صفحة ٩ رسم «جمعة» الساخر في «دنيا الكاريكاتير- زوجين شعبيين يجلسان علي الكنبة، تشد الزوجة طفلها قائلة لزوجها: ياخويا ما تشوف كده يمكن «الصين» عملت خرفان صغيرة للغلابة اللي زينا».
المعني قاس ومؤلم، والأمر ليس محض نكتة، لكن الاقتصاد الصيني الضخم «مع عدد السكان المهول- حجتنا البليدة دائمًا»، قهر أسطورة التخلف والذباب والأفيون، ومضي يغزو كل أنحاء العالم ماردًا حتي داخل عُقر أمريكا، لكن دولاً- مثل أمريكا- تملك اقتصادًا قويا متماسكًا لا يعتمد علي «المضاربة» وحسابات «نوتة البقال والجزار» وأسلوب «الجمعيات في أماكن العمل وبين ستات البيوت»، اقتصاد له أصوله ومفاهيمه ورؤاه.
لكننا إذا تركنا الحال علي ما هو عليه كما يحدده رشيد محمد رشيد «في الاستقطاب الصيني والروسي والامريكي والكازخستاني والتركي» واللّه أعلم، فسنصبح مجرد سوق توفر العمالة «وتصبح الحكومة في هذا الوضع كمقاول الأنفار»، ورشيد عندما يصرخ فخورًا بأن هذا سيحل مشكلة البطالة في مصر، وهو بهذا يحول شباب مصر إلي عبيد في سوق العمل الدولي،
بعد كل ذلك لن تقوم لنا قائمة، أو علنَا بالفعل- الآن- أكثر من أي وقت مضي، في دائرة الخطر المُحدقة، بل والمؤثرة سلبًا علي كل شيء، ليس فقط «الاقتصاد» الذي بالطبع يتحكم في كل شيء لكن في كل سلوكياتنا اليومية، نمط حياتنا،
بل وحياتنا نفسها، فأنفاسنا وقلوبنا أصبحت في يد الأجنبي «مستشفياتنا مكتظة بأحدث الأجهزة التي لا تلزمنا كثرتها، وهي لا تُصان ولا تُراعي ولا يستثمر فيمن يعملون عليها»، ولأن المسألة غائمة ومشوشة تائهة، فلا أحد يبتغي الحقيقة ولا يعرفها أحد، كما لا يمكن لأحد أن يصل إليها في ظل الظروف الحالية.
عودة لجريدة الأهرام نفس العدد صفحة ٩ بجانب الكاريكاتير خبر مفاده أن رئيس مجلس الوزراء تفقد استراحة كبار الزوار بمطار القاهرة «لخدمة المسافرين!!» بعد تطويرها، وشملت صالتين: الأولي رسمية لاستقبال وسفر كبار المسؤولين المصريين والأجانب، والثانية يتم تخصيصها لخدمة الركاب «أي ركاب، وأي مسافرين!!».
إنها صالة مميزة يمكن «لأي راكب» استخدامها مقابل رسوم تتراوح ما بين ٣٠٠ و٣٠٠٠ جنيه مصري، وبين ٦٠٠ و٦٠٠٠ للأجنبي و… و… وأشاد نظيف بأعمال التطوير» هذا هو الاستثمار الحكومي أما المصانع فلتبنها لنا تركيا وروسيا والصين ولنعمل بها حتي نفك أزماتنا؟
أما في صفحة ٨ من نفس الأهرام «خطوات مصر في الإصلاح لن تتحقق إلا من خلال نظام تعليمي متوازن» وفي صفحة ٢٧ «نحن لا نتحرك إلا بعد وقوع الكارثة- اطفال في خطر! ومصانع «لتفريخ» المجرمين- دور الأحداث «سابقًا»…
وليس من باب الاسترسال السهل، ولكن من باب التأني والرصد، كتب الفذ إبراهيم أصلان في مربعه الأسبوعي،