كيف يمكننا أن نفهم بحق كيف يحَوْسِب الدماغ العقل؟
الأحد 3-07-2016
على مدار المائة عام الماضية، حقق علم الأعصاب الكثير من التقدم. لقد علمنا أن هناك خلايا عصبية في الدماغ، لقد علمنا الكثير بشأن علم النفس، لكن الربط بين هذين العالمين، وفهم كيف تولّد هذه الدوائر الحَوْسَبية في الدماغ “الأفكار والمشاعر والأحاسيس” بصورةٍ منسقة، يظل الوصول إلى ذلك الرابط شديد الصعوبة. لذلك فقد عملت مجموعتي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على مدار السنوات العشر الماضية على التكنولوجيا وسبل رؤية الدماغ وسبل السيطرة على دوائرها وسبل محاولة صنع خريطة لجزيئات الدماغ.
في هذه المرحلة، ما أحاول التوصل إليه هو ما الذي يجب فعله بعد ذلك. كيف نبدأ في استخدام هذه الخرائط، استخدام هذه الملاحظات والاضطرابات الديناميكية لربط العمليات الحوسبية التي تقوم بها تلك الدوائر بأشياء مثل الأفكار والأحاسيس وربما حتى الوعي؟
لقد علمنا أن هناك خلايا عصبية، وعلمنا الكثير في علم النفس، لكن الربط بين العالمين؛ وفهم كيف تولد هذه الدوائر الحوسبية الأفكار والمشاعر والأحاسيس، يظل صعبا.
هناك شيئين يمكننا القيام بهما. أول فكرة هي السعي للحصول على البيانات. لدى الكثير من الأشخاص وجهات نظر متعارضة. أنت تريد الحصول على تصور حول كيفية عمل الدماغ، مبدأ كيف يقوم الدماغ بتوليد الأفكار والمشاعر وما إلى ذلك. مارفين مينسكي، على سبيل المثال، مغرم للغاية بالتفكير بشأن كيف يمكن الوصول إلى الذكاء والذكاء الاصطناعي عبر مجرد التفكير المحض بشأنه.
لنرى كيف تستطيع الخلايا في الدماغ التواصل مع بعضها البعض. لنرى كيف تأخذ تلك الشبكات الأحاسيس وتدمج تلك المعلومات مع المشاعر والذكريات وما إلى ذلك لتوليد النواتج، قرارات وأفكار وتحركات. بعد ذلك، سيظهر أحد احتمالين.
الأول سيكون أنه يمكن إيجاد أنماط، يمكن استخراج أشكال مميزة، يمكنك أن تبدأ في رؤية معنى وسط ذلك المستنقع من البيانات. الثاني قد يكون أنها مبهمة، أن الدماغ هو تلك الحقيبة الضخمة من الخدع وبينما يمكنك محاكاته بالقوة المفرطة في جهاز كمبيوتر فإن استخراج تمثيلات أبسط من مجموعات البيانات تلك أمرٌ شديد الصعوبة.
من بعض النواحي، يجب أن يكون الاحتمال الأول هو الصحيح، لأنه من الغريب أننا نستطيع توقع تصرفاتنا.
فالدماغ سيكون به تلك الأشياء التي تدعى الخلايا العصبية، وأن الخلايا العصبية بها كل تلك الجزيئات التي تولد وظائفها الكهربية وتبادلاتها الكيميائية للمعلومات، وهي مشفرة من قِبل الجينوم (المحتوى الوراثي). وفي الجينوم، لدينا 20,000 إلى 30,000، حسب من تسأل، جين فريد، وتلك الجينات تنتج منتجات الجينات مثل البروتينات، وتلك البروتينات تولد الجهد الكهربائي للخلايا العصبية وهي تختص على الأقل بعض الأجزاء من التوصيلات.
نحتاج إلى جمع البيانات عن طريق الملاحظة المباشرة، ليمكننا رؤية جميع الخلايا أثناء نشاطها، وحينها سوف نشهد نهضة في قدرتنا على معرفة المزيد عن الدماغ
إذا بدأت في التفكير بشأن مدى اختلاف جينات الجينوم، كيف تتفاعل منتجاتها لتوليد وظائف في الخلايا أو في الخلايا العصبية أو في الشبكات، إنه انفجارٌ اندماجيٌ هائل. أغلب الفرضيات بشأن ما يفعله جين أو خاصةً ما تفعله مجموعة من الجينات، ناهيك عن مجموعة من الخلايا في الدماغ، سوف يتضح أنها غير صحيحة. لهذا السبب من المهم الحصول على توصيفاتٍ عن طريق الملاحظة المباشرة للدماغ.
لا أعتقد أن خرائط الدماغ تساوي فهم الدماغ، لكن خرائط الدماغ تستطيع مساعدتنا على صياغة فرضيات أقل احتمالية أن تكون خاطئة
لماذا لا يمكننا رسم خريطة للدوائر ونرى كيف تنتظم الجزيئات، ونفعّل أو نوقف تأثير خلايا مختلفة في الدماغ ونرى كيف ستكون استجابتها؟ بمجرد أن يكون لديك تلك الخرائط، يمكننا صياغة فرضيات أفضل كثيرًا. لا أعتقد أن خرائط الدماغ تساوي فهم الدماغ، لكن خرائط الدماغ تستطيع مساعدتنا على صياغة فرضيات أقل احتمالية أن تكون خاطئة.
أحد الأشياء التي تتعلق بالبشرية وأتمنى أن يساعدنا توصيف داوئر الدماغ في فهمها هي، كما نعرف من علم النفس، أن هناك مئات العمليات التي تحدث في اللاوعي. إحدى أشهر تلك التجارب هي أنه يمكنك إيجاد مناطق من الدماغ أو حتى خلايا منفردة تكون نشط لثوان قبل أن يشعر الناس أنهم يتخذون قرارًا واعيًا.
أدمغتنا تقوم بحوسبة ما سنقوم بفعله، وكوننا نعي بعد وقوع الأمر هو أحد تفسيرات تلك الدراسات.
لكن ما أقترحه هو أن نلقي نظرة تحت غطاء المحرك، إذا فحصنا ما يقوم الدماغ بحوسبته قد يمكننا إيجاد أدلة على التنفيذ أو على آليات المشاعر والأفكار والقرارات التي لا يمكن تمامًا الوصول إليها إذا فحصنا السلوك فقط، أو إذا فحصنا أنواع الأشياء التي يقوم الناس بها، حيث إذا وجدت أدلة على أن شيء أنت على وشك القيام به، شيء على وشك اتخاذ قرارٍ واعٍ بشأنه، فإن دماغك يكون لديه المعلومات بالفعل مقدمًا. ألن يكون من المثير معرفة ما الذي يولد تلك المعلومات؟ ربما هناك دوائر للإرادة الحرة، للاقتباس، ولختم الاقتباس في الدماغ تولد تلك القرارات.
نحن نعرف كافة أنواع الأشياء الأخرى التي تحدث، المشاعر التي تولدها أدمغتنا، لكن ليس لدينا اية فكرة عما يسببها. هناك أمثلة شهيرة للغاية حيث يكون هناك شخص لديه إصابة في جزء من الدماغ مسؤول عن الرؤية الواعية، لكنك تقول له أريدك أن تشعر بشعورٍ معين عندما ترى شيئا أو أن تتصور نوعًا معينًا من الناتج، وسوف يقوم الناس بهذا حتى رغم أنهم ليسوا واعين بما يرونه. وهناك الكثير من المعالجة التي ليس لدينا إمكانية للوصول إليها، ورغم ذلك فهي ضرورية للغاية للطبيعة البشرية من أجل المشاعر والقرارات والأفكار، وإذا استطعنا الوصول إلى الدوائر التي تولدها، قد يكون هذا أسرع طريق لفهم تلك الجوانب من الطبيعة البشرية.
وجد العلماء أن هناك خلايا عصبية عميقًا داخل الدماغ تحفز العدوانية أو العنف لدى الفئران، حين ينشطونها تبدأ الفئران بمهاجمة أيًا كان ما بجوراها، حتى إذا كان مجرد قفاز مطاطي
المصدرEdge